Résumé des appels célestes de la Table servie (deuxième partie)

استحضار نداءات الإيمان من سورة المائدة: الجزء الثاني

الحمد لله رب العالمين أحمده تعالى حمد الحامدين المخلصين وأشكره جل وعلا شكر الشاكرين الصادقين وأشهد أنه الله ولي المتقين والصالحين، بشر عباده المؤمنين بالجنة والأجر العظيم فقال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله المبين:

وَبَشِّرِ الَّذِين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه وصفيه وخليله ومجتباه من خلقه ذكر بعض نعيم الجنة الذي يخص الله به المؤمنين فقال صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِم فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا

إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا

أما بعد فلا زلنا أيها الأحبة الكرام بصدد استحضار نداءات الإيمان في سورة المائدة ومع الجزء الثاني منها الذي نبدؤه بنداء عظيم يدعونا فيه ربنا أيضا إلى التقوى جاعلا إياها سببا عظيما من أسباب ثلاث للفلاح عنده. يقول تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

إن الله تبارك وتعالى يأمرنا بتقواه أي بأخذ الحذر منه حتى لا يرانا حيث نهانا ثم يدعونا للاستمرار في طلب رضاه وذلك بالاجتهاد في فعل ما أمر به ضمانا منا للقرب منه، علما بأن هذا القرب لا يتحقق إلا بإعمال أقصى الجهود من أجل بلوغ الإحسان الذي هو الإتقان سواء في العبادة أو المعاملة أو العمل أو الوظيفة أو سائرِ الأعمال التي يتاح للمؤمن أن يقوم بها، تماما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ

أما النداء السابع في سورة المائدة فيدعونا فيه ربنا إلى الاستقلالية في الرأي والحرص على اتباع هديه دون الأخذ بأي شرع غير شرعه ولا حكم غير حكمه لا سيما إذا كان الانتقاء آتٍ من عند الأعداء؛ يقول تعالى فيه:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

فيحرم على المسلمين التعاونُ مع غيرهم ضد إخوانهم لأن ذلك مظنة الظلم المفضي إلى الضلال ثم إلى النار فاللهم قنا عاقبة الظلم والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. إن المقصود من عدم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء هو أن يكون المؤمن حذرا كيسا فطنا لا تخدعه الشعارات البراقة فيلقي بنفسه في أحضان من يذهب به إلى الهاوية. أما أن يأخذ عنهم ما فيه منفعة أو حكمة فلا بأس وإذا كانوا لا يجهرون بالعداء له فلا غبار على جواز اتخاذهم أصدقاء حتى يتمكن من الاقتراب منهم فيدعوهم إلى ما هو عليه من خير الإيمان بالله ورسوله فتلك هي مهمة المسلم وهمته الأولى التي لا ينبغي أن يتغافل عنها وقد قال ربنا عز وجل في هذا الصدد:

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب يوم خيبر:

لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

ثم هناك النداء الثامن الذي يُحَذِّرُ فيه ربنا عن الردة. يقول فيه تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُومِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

في هذا النداء يدلنا ربنا جل جلاله على قدرته وغناه وأن الإنسان ليس له من حل إلا أن يلتزم أمره سبحانه فهو الخالق للكون كله وكلُّ شيء يمشي فيه على المنوال الذي أراده له إذ لا يعزب عنه سبحانه مثقال ذرة ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وبالتالي فما على الإنسان إلا أن يركب قطار النجاة سيرا إلى الله فاديا نفسه من مغبة الطرد من شرف خدمة دين الله. أما النداء التاسع فتحذير من مغبة اتخاذ المشركين والكافرين وسائر المستهزئين بالدين أولياء:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُؤاً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّومِنِينَ

فلا ثقة في مستهزئ بالدين أبدا ولا مسايرة له في غيه مهما كانت الظروف فاللهم ثبتنا على دينك واجعلنا من أوليائك واهدنا سبل الرشاد. اللهم كن لنا ولا تكن علينا واكفنا شر من يريد ضرنا من إنس وجان. اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين كافة وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله والحمد لله رب العالمين.