Interdiction de l’alcool et des jeux de hasard

تحريم الخمر والميسر

الحمد لله رب العالمين، لك الحمد يا أكرم الأكرمين تماما كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الشكر يا أرحم الراحمين تماما كما يليق بموفور قدرتك وكبير عطائك، نشهد أنك الله الذي لا إله غيرك ولا رب لنا سواك، أحللت الحلال فجعلته واسعا وحرمت الحرام فقدرته ضيقا مخصوصا فقلت في إطار ذلك عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وغيرها من أنواع الرجس:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُه ورسولُه صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح فوفى وعمل فأتقن وجاهد فأحكم وعلَّم فضبط فكان مما علَّمَنَا إياه أن بيَّن مسامحة الحلال والحرام فقال:

مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ الْعَافِيَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا، ثُمَّ تَلا صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا

أما بعد فإن النداء الحادي عشر من نداءات الإيمان في سورة المائدة مكمل بشكل كبير سابقه الذي ينهى فيه ربنا جل جلاله عن تحريم ما أحله لنا. ففي هذا النداء تهديد واضح لكل من تسول له نفسه تحليل ما حرم الله. فالأصل أن الله تعالى يبيح لعباده الطيب من الطعام وينهى عن كل ما هو خبيث وكل ما من شأنه الإضرار بصحة الإنسان سواء على المستويين العضوي والمادي وحتى المعنوي. والتحريم الذي بين أيدينا يطال فعلا الشرك والطيرة ولكن أيضا وقبل ذلك الخمر والميسر اللذان لا محل لهما في قاموس استهلاك المؤمنين. فالخمر كل مسكر وما أسكر كثيره فقليله حرام. فعن عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ

أما الميسر فالقمار وكل فعل يُعْتَمَدُ فيه على المقامرة قصد ربح سهل يَحمِلُ في طيه غبن الغير عمدا. ولا أدل على تحريمه من كونه موضوعا في السياق جنبَ عبادة الأوثان والاستقسام بالأزلام والحمد لله على منه وتوجيهه وإحسانه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. هناك أيها الأحباب من يشكك في تحريم الخمر ويحتج لذلك بأنه ليس في القرآن ما يدل على تحريمها ويجادل جدالا لا هوادة فيه. ألا إن تحريمها ظاهر بيِّنٌ في أكثر من آية، منها:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ

وهناك قوله تعالى في التعريف بوظيفة الحبيب المصطفى في سورة الأعراف:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ

ثم نداؤنا هذا الذي بين أيدينا! أما الآية الأولى ففحوى التحريم فيها في وجوب طاعة الرسول التي هي من طاعة الله تعالى. وكيف تكون ممن يطيعه وأنت لا تعمل بقوله ولا ببيانه. فقد جاء في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

وأما الآية الثانية ففيها أنه صلى الله عليه وسلم جاء من أجل تحليل الطيبات وتحريم الخبائث فهل الخمر يا ترى من الخبائث أم من الطيبات؟ فيا عجبا لمن يماري في هذا الكلام! ثم هناك نداء الفصل، فوجوه التحريم فيه عدة يكفينا منها لإيفاءِ القول حقه: متى كان الرجس وعمل الشيطان حلالا ومتى كان الصد عن ذكر الله وعن الصلاة جائزا ومتى كانت العداوة والبغضاء من شيم المؤمن ومتى كانت طاعة الله والرسول غيرَ مرغوبٍ فيهما ومتى كان إنكار عدم الانتهاء ليس تحريما ضمنيا ومتى كان التولي عن أمر الله تعالى محمودا؟ ثم ألا يكفي أن لعنة الله تطال شارب الخمر وآخرين ممن لهم صلة بها؟ فقد روى الترمذي عن أنس:

لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ

اللَّهُمَّ اكْفِنا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، اللهم ثبتنا على دينك واجعلنا من أوليائك. اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين كافة وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله الولي والظهير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.