Pas de confiance en ceux qui raillent la religion

لا ثقة في المستهزئين بالدين

الحمدُ لله رب العالمين، نحمدك ربي حمدا أنت أهله ونشكرك إلهي شكرا أنت خيرُ من يُشْكَرُه ونشهد أنك الله الآمر الناهي الفاعل لما تشاء ما فتئت تدعونا في كتابك العزيزِ إلى تقواك ثم تحذرنا من مغبة اتخاذ المشركين والكافرين وسائر المستهزئين بدينك العظيم أولياء فقلت سبحانك وتعاليت من بين ما قلت:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُؤاً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّومِنِينَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه، جاءه رجل فقال:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ الشَّيْءَ لأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي صَحِيحِ ابنِ حِبَّانٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ:

 

الِلَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ

وقال في بيان الحدود التي لا يؤاخذ بها العبد حين تحدثه نفسه بسوء أو شر:

إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ

أما بعد فيا أيها المؤمنون، إن النداء التاسع من نداءات الإيمان في سورة المائدة ليصب في نفس الإناء الذي يصب فيه النداء السابع. فهو يعود بنا مرة أخرى للتطرق إلى النهي عن تولي غير المسلمين وزجرهم عن وضع ثقتهم في من لا تؤمن بوائقه. والبوائق كما فسرها نبي الله صلى الله عليه وسلم الغَشْمُ والظُّلْمُ والشَّر. فينبغي للمؤمنين أن يتأكدوا من أنهم كلما اعتصموا بالله عز وجل وأدوا ما عليهم من فرائض سينصرهم الله تعالى على أعدائهم فلا حاجة لهم في البحث عن من يحميهم في صفوف من لا يعير لدينهم اهتماما ولا يلقي له بالا. فالخطر كل الخطر في الالتجاء إلى غير الله ورسوله والمؤمنين لأن ذلك مظنة الخسران في الدنيا قبل الآخرة. قال تعالى مباشرة قبل نداءنا لهذا اليوم الناهي عن تولي كل الكفار:

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُوتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ

فلا يجوز لمسلم أن يتولى غيره إلا في حدود معينة ووفق نظام خاص هو نظام التشابه في العقيدة والعبادة والخلق. فإن هو فعل لم يخطئه نصرُ الله. وهذا معناه أنك إذا رأيت مسلما مخذولا في الدنيا فاعلم أنه قد فرط إما في عقيدته أو في عبادته أو في خلقه. ولا يكون الخذلان إلا بقدر التفريط ولله الحمد.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. إن خذلان الله للعبد يتسم بنسبية فائقة لا يحسن ولا يقدر دقتها إلا هو تبارك وتعالى. فنحن كثيرا ما لا نفقه لماذا فلان لا يقع عليه ابتلاء أو نادرا ما، وغيره لا يكاد يفتر عنه بينما ننسى أن الله سبحانه ليس بظلام للعبيد وأنه لا يصيب أحدا بمكروه إلا وهو يستحقه وما هو إلا نتاجٌ لكسب يده أو جرأة لسانه. قال تعالى:

مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ

وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ

 

فلا مجال إذن للتحايل في مسألة اتخاذ الأولياء والاستعانة بالآخرين ولو كانوا من الأقارب والأحبة إذا لم يكونوا فعلا أولياءُ لله ولرسوله وللمؤمنين. إنها لدعوة عظيمة لجمع شتات الأمة تحت راية الإيمان. فالإيمان بالله حين يستقر في القلب يجعل ثقة صاحبه في الركون إلى أمثاله وإلى الجمع الذي يحبه الله وينبغي له أن يلتحق به وهو جمعُ المتقين الذين يعملون بالطاعة ويطردون المعصية فتشرئب أعناقهم لاسترحام المولى وكسب رضاه. أما نقصانه أو أفوله فيُعَرِّضُ صاحبه للوقوع في المعصية تلو المعصية فإذا به لا يعود في مأمن من انتقام الله منه تماما كما قال الحبيب المصطفى في حديث مسلم عن حذيفة بن اليمان وهو صحيح:

تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا

والانتقام الله من المذنب يمكن له أن يتحقق عاجلا أو أن يرجأ إلى ما شاء الله أو أن يبطل نهائيا وذلك حسب علم الله تعالى بنسبة الصدق والتقوى اللذان يتحلى بهما العبد وهذا هو فحوى دعوته سبحانه وتعالى في ختام النداء:

وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّومِنِينَ

فاللهم ثبتنا على الإيمان الحق ووفقنا للعمل بالطاعة واجعلنا يا ربنا من أوليائك واهدنا سبل الرشاد. اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه والحمد لله رب العالمين.