Ne prenez pas les juifs et les chrétiens pour alliés!!

لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء

الحمدُ لله رب العالمين، نحمده تعالى كما حمده الأنبياء والمرسلون ونشكره جل وعلى كما شكره الأولياء والصالحون ونشهد أنه الله خيرُ من عبده العابدون وسأله السائلون وذكره الذاكرون، رب كريم حليم أنزل القرآن وحمَّله توجيهاتٍ إلى عباده المؤمنين منها وبها ينالون الخلاص في هذه الدنيا كما الآخرة فقال عنه:

إِنَّ هَـذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُومِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُومِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبده ورسولُه بين لنا فضل تلاوة القرآن والعمل بما يتلى منه ويؤخذ عنه فقال صلى الله عليه وسلم في ما صح من رواية أبي أمامة:

اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا. اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ

وكان صلى الله عليه وسلم يحث على العمل بتعاليم القرآن فيقول كما في السنن عن أبي هريرة:

تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ، فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ

أما بعد فمع نداء جديد من نداءات الإيمان هو السابع في سورة المائدة يدعونا فيه ربنا إلى الاستقلالية في الرأي والحرص على اتباع هدي الله دون الأخذ بأي شرع غير شرعه لا سيما إذا كان الانتقاء من عند الأعداء. قال تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ

لقد سبق لنا تناول مسألةِ الولاء في نداءٍ سابق من نداءات سورة آل عمران فلا حاجة بنا إلى معاودة الكلام فيه سوى القول بأنه يحرم على المسلمين التعاونُ مع غيرهم ضد إخوانهم لأن ذلك مظنة الظلم المفضي إلى الضلال. قال تعالى:

وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

وهذا لا يعني منع ربط الصداقات مع هؤلاء إن لم يكونوا من المحاربين فرسول الله نفسه كانت تربطه علاقاتُ جوارٍ وتجارةٍ طيبةٌ ببعض اليهود المسالمين ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن أبدا ليؤيدهم في عقيدتهم ولا في سياستهم ولا في عباداتهم ولا في معاملاتهم التي تخالف شرع الله بل كان يقف سدا منيعا أمام كل ما من شأنه أن يسير في ذلك الاتجاه المعادي لدين الله ولله وحده الحمد والمنة والعافية.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. عبادَ الله، إن المقصود من كلامنا السابق أن يكون المسلم حذرا كيسا لا تخدعه الشعارات البراقة فيلقي بنفسه في أحضان من يذهب به إلى الهاوية فربنا تبارك وتعالى هو القائل:

وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ

وهذا معناه أن المسلم حين يساير أصحاب الملل المعادية لدينه وعقيدته فيعمل بعملهم ويتصرف بتصرفاتهم ويفرح بما يُفرهم ويحزن لما يُحزِنهم فإنه يحكم على نفسه بالالتحاق بهم، فيا عجبا لقوم لم يعودوا يتورعون عن فعل ذلك متمثلين مَن سواهم في حياتهم اليومية لباسا ومأكلا ومشربا منبهرين بعادات لا تمت لدينهم بصلة وكأنها من صلب ما يؤمنون به ظانين أن ثمة النجاة وأن في ذلك البعد عن الهلاك بينما الأمر لا يعدو إلا أن يلقي بصاحبه في أحضان النفاق والعياذ بالله جل وعلا. يقول تعالى في تابع النداء واصفا ابن أبي ومن كان معه من المنافقين:

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ

أما الحبيب المصطفى فيقول، في ما صح عنه، محذرا من مثل هذا التصرف:

لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، قَالَ: فَمَنْ؟

إن التتبع الأعمى لسَنَنِ أهل الكتاب يحمل في طياته خطرا عظيما على المسلم لا بد أن يعيه فينتبه إلى ما يجوز أخذه عنهم فالكَلِمَةُ الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ثم يلاحظ ما ينبغي له تركه تفاديا لطي النفاق وطلبا لما يمكن أن يأتي به الله من فتح بفضل إيمانه ويقينه، قال تعالى في التتمة:

فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ

فالله تبارك وتعالى هو الفاعل وهو الذي يسير القدر حيث يشاء ووفق إرادته دائما في اتجاه نصرة من يثق به أكثر ويتوكل عليه حقا معنى وفعلا علما بأنه لَن يَجْعَلَ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ما داموا معتصمين به حق الاعتصام فاللهم ثبتنا على دينك واجعلنا من أوليائك واهدنا سبل الرشاد. اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله والحمد لله رب العالمين.