La gratitude envers Allah et la confiance qu’on doit mettre en Lui

شكر النعمة وحسن التوكل على الله

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى في كل وقت وحين ونشكره عز وجل شكر من أيقن بأنه جل في علاه هو ذو الفضل المبين ونشهد أنه الله محب المتوكلين، بيَّن لنا أن التوكل الحقَّ عليه يصرف عن صاحبه من أتعاب الدنيا ما كان سيصيبه لولا لطفُه فدعانا إلى اتقائه والتحلي الدائم بعرفان جميله فقال في كتابه المبين:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُومِنُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبده ورسولُه بين لنا أهمية التوكل على الله وأنه يولد التيسير ويفرخ الرزق والنجاح في حياة المؤمنين فقال صلى الله عليه وسلم:

لَوْ أنَّكُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا

وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً

وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً

أما بعد فيا عبادَ الله، هذا النداءُ الذي صدرنا به الخطبة هو الخامس في سورة المائدة يأمرنا فيه ربنا عز وجل بثلاثة أمور هي عدمُ إغفالِ لطفِهِ الذي يحيطنا به والعملُ على اتقائه ثم التوكلُ عليه عند الهم بأي عمل. أما لطفه  بالعباد فدائم لا يكاد ينقطع بل هو أمر عظيم قليلٌ من ينتبه إليه رغم تجليه. قال تعالى:

اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ

إن يد القدر لتتحرك باسترسال لصالح المتوكلين على الله حق التوكل لتوفر لهم أسباب النجاة فتحفظهم من أنواع المكروه الذي يكون متوجها نحوهم، بل لربما أصيب المؤمن بذاك المكروه ولكن يكفيه أن يمعن النظر في ما أصابه ليتيقن أنه قد دفع عنه مكروها آخر أعظم وأفظع من الذي نزل به. وأي لطف أكبر من كون الله تعالى أوجدنا وسخر الكون لنا كما قال سبحانه في سورة الشريعة:

وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ

وأي لطف أعظم من كونه سبحانه قد جعلنا مسلمين ومن ثم مرشحين لنيل رضاه. أليس لطفا من الله أن ننجو من النار؟ بلى فما بالنا لا نشكره جل شانه حق شكره على هدايته لنا. بل هناك من يمعن في الجحود بعدم الرضى لكونه مسلما أو بالخجل من كونه كذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أي لطف أيها الإخوة هذا الذي يجعلك دائم الصحة، تستيقظ في الصباح فتذهب إلى قضاء مآربك وتعود في المساء إلى بيتك وذويك لتتمتع بصحبتهم فترتاحُ وتطمئن. فكر فيمن لا ينعم مثلك واذكر دائما حديث المصطفى الباعث على الشكر والذي يقول:

مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا

وكما تشكر الله على ما أنت فيه من صحة وعافية اشكره أيضا على ما أنعم به عليك من علم وصنوف المعارف علما بأن الجهل هو رأس الخسران ومُبَوِّئُ الضياع ثم أتمَّ شكرك بحمده سبحانه على جميع نعمه التي لا تعد ولا تحصى كما هو معلوم ولكن حسبك أن تعمل بالطاعة وتدرأ عنك المعصية لتتبوأ منزلة المتقين المطلوبة في الأمر الثاني الذي يدعو إليه نداء اليوم وهو قوله تعالى واتقوا الله. ثم لا تنسى أن تتوكل عليه سبحانه ليعود فضل التوكل عليك بالتيسير المذكور آنفا. فالتوكل على رب العزة من صفات المؤمنين الخلص وهو جدير بأن يجنبك كل ما تكره في هذه الحياة. ألم تسمع إلى قوله تعالى في أصحاب نبيه:

الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ

كل ذلك بحسن توكلهم على مولاهم سبحانه. وهنا سيقول بعضكم: « تُكَلِّمُنَا عن التوكل من البداية فهلا أفصحت عن مفهوم هذه الكلمة وكيف يكون التوكل على الله في الواقع الملموس؟ » أقول له، معك حق ولذلك سأخصص الخطبة المقبلة بإذن الله لإجابتك. فاللهم حبب إلينا التقوى ووفقنا للعمل بها وعلمنا التوكل واجعلنا لك من الشاكرين. اللهم حبب إلينا طاعتك وكره إلينا الفسوق ويسر لنا سبل الرشاد اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا يا ربنا وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله والحمد لله.