Les ablutions par l’eau et la purification par la terre

الوضوء والتيمم

الحمد لله، الحمد لله الذي شرع لنا من الأحكام ما فيه رشدنا والحمد لله الذي جعل من التيسير في تلك الأحكام ما يتماشى عليه طبعنا، نحمده تعالى حمدا يوافي نعمه ونشكره جل وعلا شكرا يكافئ مزيده ونشهد أنه الله رب الأرباب ومجري الأرزاق من غير حساب، شرع لنا عبادة عظيمة هي الصلاة ثم شرط لها الطهارة التامة الظاهرة كما الباطنة فقال في ندائه الثالث من سورة المائدة:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبده ورسولُه بين لنا فائدة من فوائد الصلاة وأنها تطهر الإنسان من الذنوب كما يطهره الوضوء من الدرن فقال:

أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا

أما بعد فيا عباد الله، هذا النداء هو نداءُ القيام إلى الصلاة وما تستوجبه من استعداد روحي وبدني عظيم. فالمسلم حين يريد الصلاة عليه أن يستعد لها بالطهارة البدنية والروحية على حد سواء تماما كما لو أنه يستعد للقاءِ عظيمٍ من العظماء ولله المثل الأعلى. ألم تر إلى الواحد منا حين يدعى للدخول على مسؤول كبير؟ ألا ينظف جسمه ويضع شيئا من الطيب حتى لا تنبعث منه الروائح المزعجة؟ أليس يلبس أفخر ثيابه ويهيأ ما لربما سيحتاج قولَه فيحبره تحبيرا بل يحفظه حفظا لعله يخرجه في حينه كما ينتظره محاوره؟ فكيف يا ترى إذا كان ذاك الدخول على ملك الملوك عز وجل؟ إني لأعجب لمن حين يتوضأ لا يبالي بفروض الوضوء وسننه بينما الحبيب المصطفى يقول:

أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الخطى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ

فاللهم فقهنا في ديننا وتب علينا وكن لنا لا علينا آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. إن إسباغ الوضوء لمن ضرورات الصلاة. فكيف تسمح لنفسك بعدم إتمام غسل وجهك كاملا من منابت الشعر إلى منابت اللحية من الذقن أو يديك إلى المرفقين مع أن ذلك من فرائض الوضوء التي لا يتم إلا بها؟ عجيب أمره من يتهاون في المضمضة فتراه يصلي وهو مشغول بتنقية أسنانه بلسانه أو في الاستنشاق والاستنثار فتراه ينقي داخل أنفه بأصابعه! أما الذي يؤذي من بجواره برائحة فيه أو عرقه أو جواربه فحدث ولا حرج بينما رسول الله ينهى عن كل ذلك ويقول:

مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

فهذا لمطعومات حلال، فما بالك بمن يؤذي بالحرام كالتبغ أو غيره؟ ثم ملاحظة أخيرة بالنسبة للتيمم الذي يسر الله به على من لا يجد ماء للطهارة أو على المريض الذي يضره استعمال الماء. هناك من يترخص كثيرا في المسألة فيتيمم بسبب أو بغير سبب وهذا لا بد من إعادة النظر فيه، لأن التيمم إذا لم يكن مشروعا لم تجز به الصلاة فيكون المرء قد صلى من غير وضوء. والصلاة من غير وضوء باطلة بالإجماع. ثم أيضا، هناك إشارة أخرى في النداء لا علاقة لها مباشِرةً بموضوع الوضوء ولكن تستحق أن نقف عندها ألا وهي ذكر نعمة الله وميثاقه الذي واثقنا به تعالى وأمره لنا بالتقوى حين قال في الآية الموالية:

وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

فلا مجال إلا لشكره سبحانه على ما أنعم به علينا ورُخَصِهِ التي بها حبانا ما دمنا قد أخذنا على أنفسنا السمع والطاعة. ثم لا مجال أيضا إلا لاتقائه جل وعلا حق تقواه فهو الرب الرحيم والولي الكريم فاللهم حبب إلينا التقوى ووفقنا للعمل بشريعتك وحبب إلينا طاعتك ويسر لنا سبل الرشاد رحماك ربي اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين كافة وارحمنا وموتانا كافة واشفنا ومرضانا كافة وتب علينا يا ربنا وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله والحمد لله.