Le respect de ses engagements

الوفاء بالعقود

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد اللهم لك الحمد اللهم لك الحمد، له الحمد ربي حتى يرضى وله الحمد إذا رضي وله الحمد بعد الرضى نحمده تعالى على كل حال ونعوذ به سبحانه من حال أهل الضلال، ونشهد ألا إله الله، لا رب لنا سواه ولا معبود بحق إلا هو، ذكر جل شأنه أوصاف المفلحين عنده وأورثهم فردوسه فقال في سورة المؤمنون كما هو معلوم وقوله دائما حق مأمون:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه وصفيه وخليله ومجتباه من خلقه كان يسأل ربه أن يرزقه خصلة الوفاء بالعهد فيقول في دعائه:

اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ الرُّكَّعِ السُّجُودِ الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَأَنْتَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ

أما بعد فيا أيها الإخوة البررة الكرام أدعوكم اليوم إلى مواصلة مسيرة نداءات الإيمان وذلك بالنظر في أول نداء من هذا النوع ورد في سورة المائدة وهو بالطبع وطيد العلاقة بما نحن بصدده من الوفاء بالعهد حيث يقول فيه جل وعلا:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ

وهذا عباد الله من أقل نداءات الإيمان لفظا ولكنه ذو توجيه رباني عظيم لا حد لمعانيه ولا تستقصى، وحسبنا أن نقول إن أعظم خصلة يقف عليها إيمان المرء هي وفاؤه بجميع عهوده وعقوده وألا يخون منها شيئا أبدا، سواء تعلقت تلك العقود بربه كالصلاة والزكاة والصيام والحج أو بالناس كالحرب والسلم والبيع والشراء والزواج والطلاق وكذا التسيير في كافة الميادين علاوة على التي يعقدها مع نفسه بمجرد أن تكون غيرَ متنافية مع تعاليم دينه ففي الحديث:

الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا

أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ

فاللهم صل وسلم على هذا النبي الكريم وآله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. هناك ضرورة قصوى في استرجاع هذه الخصلة في أوساطنا فقد كثر الخونة والكذبة وآن الأوان لكل مسلم يرجو حقا رحمة ربه أن ينظر أين هو؟ أفي خانة المؤمنين الخلص أم في خانة المنافقين الذين لا يريبهم الكذب على الذقون وخيانة العهود والمواثيق واللعب بالوقت والمواعيد؟ علما بأن الحبيب المصطفى يقول في ما صح عنه:

يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ

أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ

لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ

فالمؤمن الحق يؤدي الأمانة ويفي بالعهد لكل الناس مسلمهم وكافرهم، صالحهم وفاجرهم، لا فرق عنده بينهم ولو أدى به ذلك في بعض الأحيان إلى خسارة مادية أو معنوية أو تحمل بعض الأعباء. فهمه الأول وديدنه الأساس هو الوفاء بعقوده مهما كانت الظروف لأنه يعلم يقينا أنه سيحاسب على كل كذبة وكل خيانة وكل تزوير يسقط فيه ويعلم التبعة المخزية لذلك. ففي الصحيح:

إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ

ومن هنا يمكن لنا القول بأن من يقاضي غيره وهو يعلم أنه بذلك سيأكل حقه إذا ما حكم له فكأنما حكم على نفسه بالعذاب عند الله وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم. فربنا عز وجل هو الذي أوصانا بتحاشي ذلك حين قال:

وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً

فاللهم يا من ترانا وتعلم مقامنا، خذ بأيدينا إلى حيث رضاك. اللهم تب علينا وردنا إليك ردا جميلا. اللهم جملنا بخلق الوفاء وحبب إلينا الصدق واجعلنا من عبادك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اللهم حسن أخلاقنا كما حسنت خَلْقَنَا واجعلنا على أثر حبيبك المجتبى الذي به يحتفى اللهم أعل رايتنا وراية المسلمين وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا يا ربنا إنك أنت التواب الرحيم وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله والحمد لله رب العالمين.